سورة آل عمران - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


القيوم: القائم على كل شيء. الفرقان: القرآن، لانه يفرق بين الحق والباطل. ألف لام ميم: وردت هذه الأحرف في فاتح عدد من السور، وقد قدمنا الكلام عليها في أول سورة البقرة. والرأي المرجح أنها جاءت في أوائل السور لتنبيه المخاطبين إلى ما يلقى بعدها من حديث يستدعي العناية بفهمه.
روى الطبري في تفسيره ان الله عز وجل أخبر عباده ان الألوهية خاصة به دون ما سواه، وان العبادة لا تجوز الا له. وقد افتتح السورة بنفي الألوهية عن غيره احتجاجاً منه على طائفة من النصارى، قدمِتْ على رسول الله من نجران. وكانوا ستين راكباً فيهم اربعة عشر رجلاً من اشرافهم، أميرهم العاقب، واسمه عبد المسيح، وهو صاحب مشورتهم الذي لا يصُدرون الا عن رأيه. وكان منهم أبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، أسقفهم وحبرهم وإمامهم ولقد قدموا إلى المدينة، فدخلوا مسجد الرسول حين صلى العصر. وحانت صلاتهم فقاموا يصلّون في مسجد النبي، فقال لأصحابه دعوهم. فصلّوا إلى المشرق. فقام رؤساؤهم وكلّموا رسول الله في شأن المسيح، وانهن هو الله، وابن الله، وثالث ثلاثة. فقال لهم النبي: «ألستم تعلمون انه لا يكون ولد الا وهو يشبه أباه؟» قالوا بلى. قال: «ألستم تعلمون ان ربنا حي لا يموت، وان عيسى عليه الفناء؟» قالوا: بلى، قال: «ألستم تعلمون ان ربنا قيّم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه». قالوا: بلى، قال: «فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟» قالوا: لا، قال: «أفلستم تعلمون ان الله عز وجل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء». قالوا: بلى، قال: «فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا الا ما عُلِّم؟» قالوا: لا، قال: «فان ربنا صوّر عيسى في الرحم كيف شاء، فهل تعلمون ذلك؟» قالوا: بلى، قال: «ألستم تعملون ان ربنا لا يأكل الطعام، ولا يشرب اشراب ولا يُحدث الحدث؟» قالوا: بلى، قال: «ألستم تعلمون ان عيسى حملته امرأة كما تحمل المرأة، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غُذي كما يغذّى الصبي، ثم كان يَطعم الطعام، ويشرب الشراب، ويُحدث الحدث؟» قالوا: بلى، قال: «فكيف يكون هاذا كما زعمتم؟» قال: فعرفوا ثم أبَوا الا جحودا. فأنزل الله عز وجل: {الم الله لا إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم} إلى بضع وثمانين آية كما سيأتي.
والمعنى ان الله واحد لا آلهة غيره، وكل ما في العالم من تنسيق وإبداع يشهد بذلك. وهو الحي الذي لا يموت، القائم بأمر هذا لعالم يدبّره ويصرّفه.
ولقد نزّل الله عليك يا محمد القرآن مشتملاً على جميع أصول الشرائع السماوية في الكتب السابقة، ومصدّقا لها. وأنزل من قبله التوراة على موسى والانجيل على عيسى، لهداية الناس. فلما انحرفوا عنها أنزل الفرقان فارقاً بين الحق والباطل، ومبيناً الرشد من الغي. انه الكتاب الصادق الدائم. اما الذين كفروا بآيات الله الناطقة بتوحيده وتنزيهه عما لايليق بشأنه الجليل، فقد كذّبوا بالقرآن أولاً ثم بسائر الكتب تبعاً لذلك. فلهعم عذاب شديد.
قراءات:
قرأ أبو عمرو وابن ذكوان والكسائي، {التوراة} بالإمالة في جميع القرآن. وقرأ نافع وحمزة بين اللفظين.


ان الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء منهما كان: صغيراً أو كبيراً، ظاهراً أو باطناً. وكيف يخفى عليّ يا محمد شيء وأنا علاّم الغيوب!!
وفي التعبير بعد الخفاء اشارة إلى ان علمه لا يوازن بعلوم المخلوقين.
والله هو الذي يصوّركم فيجعلكم صورا مختلفة في أرحام أمهاتكم. انه يجعل هذا ذكراً، وهذه انثى، وهذا اسود وهذا أحمر.
ولك ذلك يتم على أدق ما يكن، فمن المستحيل ان يكون هذا الخلق قد جاء من قبيل الاتفاق والصادفة. اما عيسى بن مريم فقد صوّره الله في رحم أمه، ولو كان إلَهاً لما كان ممن اشتملت علهي رحم مخلوقة.
ان الله هو المنفرد بالخلق والتصوير، العزيز الذي لا يُغلب على ما قضي به عِلمه، الحكيم الذي يوجِد الأشياء على مقتضى الحكمة.


آيات محكمات: محكمة العبارة لا تقبل الصرف عن ظاهرها. أُم الكتاب: أصله الذي فيه عماد الدين والفرائض والحدود. وأخر متشابهات: محتملات لعدة معان لا يتضح المقصود فيها الا بتدقيق النظر. زيغ: عدول عن الحق. ابتغاء الفتنة: طلبا للفتنة. الراسخون في العلم: المتمكنون منه.
لقد أنزل الله عليك القرآن وجعل فيه آيات محكمات، محدّدة المعنى بينه المقاصد، هي الأصل واليها المرجع في الدين والفرائض والحدود. كما جعل فيه آيات متشابهات يدِقُّ معناها على كثير من الناس وتشتبه على غير الراسخين في العِلم. فأما الآيات المتشابهات فقد أُنزلت بحكمته تعالى لتبعث العلماء على تدقيق النظر ودقة الفكر في الاجتهاد. لكن أهل الشك والذين في قلوبهم ميل عن الحق يتّبعون ما تشابه من الآيات رغبةً في اثارة الفتنة.. يؤوّلونها حسب أهوائهم، فيُضلّون وراءهم خلقاً كثيرا.
ولا يعلم تأويل هذه الآيات المتشابهات الا الله والذين تثبتوا في العلم وتمكنوا منه، وهؤلاء يقولون: اننا نؤمن بالقرآن كاملاً، لا نفرق بين مُحكمة ومتشابهه. وما يعقل ذلك وبفقه حكمته الا ذوو البصائر المستنيرة، والقعول الراجحة.
هذا وقد استفاض الحديث حول أن في القرآن محكماً ومشابهاً، وان العلماء أمام هذه المتشابه فريقان: فريق السلف الذي يرى التفويض وعدم الخوض في معناه، وفريق الخلف الذي يرى التأويل وصرف اللفظ عن دلالته المعروفة إلى معنى يتفق مع ما دل عليه المحكم. ويعتبرون من ذلك أمثال قوله تعالى: {الرحمنُ على العرش استوى} {يد الله فوق أيديهم} {بل يداه مبسوطتان} {والارض جميعاً قبضتُهُ يوم القيامة والسّماواتُ مطويات بيمينه} فيقولون ان معنى الاستواء هو الاستيلاء. واليد بمعنى القدرة. واليمين بمعنى القوة. وبسطُ اليد بمعنى كثرة المنح والعطاء، إلى غير ذلك.
وهناك أقوال كثيرة اختلافات كبيرة في هذا الموضوع لا طائل منها ولا فائدة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8